الاثنين، مارس 10، 2008

الإرهاب في ميزان المتقدمين


بسم الله الرحمن الرحيم


الإرهاب



الإرهاب: الكلمة التي أشغلت العالم على مر العصور بكافة طبقات المجتمع وشرائحه ساسة وشعوباً.


الإرهاب: الكلمة التي صارت مطية لكل صاحب حاجة عجز أن يحقق حاجته إلا بها.


الإرهاب: كلمة ضاقت بها معاجم وقواميس أهل الاصطلاح على أن يجتمعوا على تعريفها.


الإرهاب: كل من تعاطى مفهومها أو تبنى نظريتها أو عمل بها، هو شخص صاحب مبدأ وموقف له قصته، يعتقد أنه يملك الحق في كيفية تناولها.

الإرهاب : سلاح ذو حدين محمود ومذموم ، ضد العدو محمود، ضد أنفسنا من أنفسنا أو من غيرنا علينا فهو مذموم.

أخواني زوار ورقات:
كنت أقرأ في إحدى المرات كتاب التلميذ العلامة الجهبذ الفهامة إمام عصره وزمانه.ابن قيم الجوزية ( ت 751هـ ) تلميذ شيخ الإسلام أبو العابس ابن تيمية ( ت 728هـ ).

هذا الكتاب هو ( إعلام الموقعين عن رب العالمين قرأت فيه فصلاً عن ( استحلال القتل باسم الإرهاب )

قال فيه: " وأما استحلال القتل باسم الإرهاب الذي تسميه ولاة الجور سياسة وهيبة وناموسا وحرمة للملك فهو اظهر من أن يذكر "





فتبادرت لي فكرة أن أبحث عن مدلولات لهذا المصطلح تكون قريبة بمدلولاته في أيامنا هذه فوجدت نصاً آخر من نصوص السياسة الشرعية نقله ابن الأزرق القاضي ( ت 896هـ ) في كتابه ( بدائع السلك في طبائع الملك ) مانصه :ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً يأتي على الناس زمان يستحل فيه خمسة أشياء، يستحلون الخمر بأسماء يسمونها بها، والسحت بالهدية، والقتل بالرهبة، والزنا بالنكاح، والربا بالبيع.قال ابن تيمية: وهذا الخبر صدق. ثم فسر استحلال القتل باسم الإرهاب، لأنه هو الذي يسميه ولاة الظلم سياسة، وأبهة للملك.( ج 1 / ص 61)

يظهر هنا بأن ابن تيمية (المتوفي في 728هـ) قد تطرق لمفهوم الإرهاب السياسي قبل ابن الأزرق وابن القيم، وبعد البحث وجدت مستند كلام ابن الأزرق ووثقته فقد وجدته في فتاوى ابن تيمية الكبرى - (ج 9 / ص 31) بما نصه :
" أَمَّا اسْتِحْلَالُ الْقَتْلِ بِاسْمِ الْإِرْهَابِ الَّذِي يُسَمِّيهِ وُلَاةُ الظُّلْمِ سِيَاسَةً وَهَيْبَةً وَأُبَّهَةَ الْمُلْكِ وَنَحْوَ ذَلِكَ فَظَاهِرٌ أَيْضًا"

وفي هذا المصطلح خاض الشاطبي ( ت790 هـ ) ودلى بدلوه في موافقاته – أي كتابه - ( الموافقات ) وتكلم عن الإرهاب السياسي فيما نصه:
"استحلال القتل باسم الإرهاب هو ما يرتكبه السلطان الجائر في طمس أعلام العدالة، وإطفاء نور الحرية, من اضطهاد بغاة الإصلاح والدعاة إلى الحق ورفعهم على أعواد المشانق، أو ضرب السيوف على أعناقهم بدعوى حماية الملك والذود عن "حرم" السياسة"!!" الموافقات - (ج 1 / ص 448)


أخواني:شدني أكثر ما قرأته للإمام نجم الدين الطرسوسي المتوفي في (758هـ) تحليله السياسي لأوضاع عصره في أواسط القرن السابع للهجرة في كتابه ( تحفة الترك فيما يجب أن يعمل في الملك )ماقاله المحقق عن الإرهاب السياسي
" لقد أدى الاستبداد عبر تاريخ الفكر السياسي الإسلامي إلى ظهور تيارين فكريين فقط : تيار سلطوي ينتقي من النصوص وأدلة الأحكام وأماراتها ما يلوي به عنق الشريعة ليبرر تصرفات الحكام الضالة وأوضاعهم المنحرفة . تيار معارض مقموع ألجأه الإرهاب إلى التوتر والعمل تحت الأرض ، وفقه الرخص ، والمصلحة النضالية المرسلة " تحفة الترك فيما يجب أن يعمل في الملك - ( ج 1 / ص 25)







هذا خلاصة ماذكره علماء القرنين السابع والثامن للهجرة عن مفهوم الإرهاب استخلصته لكم من كتبهم وتصورهم لمفهوم هذا المصطلح وما كان عليه عندهم،

وأهيب بكل باحث أن يتناول هذا الملخص كمدخل لبحث مستقل أو رسالة جامعية لأني لم أجد حتى الآن من تطرق لمفهوم الإرهاب بأنواعه وأحواله عند المتقدمين وما تسبب لهم جراءه وكيفية معالجتهم لهذا الأمر .


الحمد لله الذي جعلنا في هذه البلاد وجعل الحنيفية ديننا وكتابه دستورنا وحكامه خدام بيته العتيق، يخافونه فينا، اللهم أدم علينا نعمة الأمن والأمان، وانصرنا على من ظلمنا


سعد العشيرة

هناك 4 تعليقات:

غير معرف يقول...

الإرهاب المذموم هو السم الزعاف الذي لعب به كل على هواه

مدونة على قل مافيها ولكن جميل أن نجد مدونة تحمل مثل هذا الوعي.

مدونة رائعة
أخوك فهد العنزي
المملكة العربية السعودية
الرياض

غير معرف يقول...

معلومات في غاية الفائدة لم أعرفها من قبل جزاك الله كل خير

صاحب ورقات يقول...

بارك الله فيك أخي العنزي من الرياض

ونسألك الدعاء ونسأل المولى التوفيق والسداد وأ يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.

صحيح أني مقل في النشر ولكن أحاول بقدر الإمكان الاّ يكون المنشور رص كلام بغير فايدة يجني من ورائها القارئ نفعاً.

تحية طيبة لك وبالنسبة لما أشرت إليه فأنا أؤيدك وكان الله لك ولنا بالعون.

أخوك| سعد العشيرة

صاحب ورقات يقول...

أخي الذي لم يترك تعريفاً عن نفسه،
تشرفت بمرورك، وعدم خروجك من الدونة دون أن تترك انطباعا عمّا وجدته فيها،
أسأل المولى أن يبارك فيك، وشكراَ لك.

أخوك| سعد العشيرة